سورة النمل - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النمل)


        


{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)}
{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} أي ورث عنه النبوة والعلم والملك {عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطير} أي فهمنا من أصوات الطير المعاني التي في نفوسها {وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ} عموم معناه الخصوص، والمراد بهذا اللفظ التكثير: كقولك: فلان يقصده كل أحد، وقوله: علمنا وأوتينا؛ يحتمل أن يريد نفسه وأباه أو نفسه خاصة على وجه التعظيم، لأنه كان ملكاً {وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ} اختلف الناس في عدد جنود سليمان اختلافاً شديداً، تركنا ذكره لعدم صحته {فَهُمْ يُوزَعُونَ} أي: يكفُّون ويردّ أوَّلهم إلى آخرهم، ولا بدّ لكل ملك أو حاكم في وَزَعَةٍ يدفعون الناس.


{حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)}
{حتى إِذَآ أَتَوْا على وَادِ النمل} ظاهر هذا أن سليمان وجنوده كانوا مشاة بالأرض، أو ركباناً حتى خافت منهم النمل، ويحتمل أنهم كانوا في الكرسي المحمول بالريح، وأحست النملة بنزولهم في وادي النمل {قَالَتْ نَمْلَةٌ} النمل: حيوان بل حشرة فطن قويّ الحس يدخر قوته، ويقسم الحبة بقسمين لئلا تنبت، ويقسم حبة الكسبرة على أربع قطع لأنها تنبت إذا قمست قسمين، ولإفراط إدراكها قالت هذا القول، ورُوي أن سليمان سمع كلامها، وكان بينه وبينها ثلاثة أميال، وهذا لا يسمعه البشر إلى من خصة الله بذلك {ادخلوا} خاطبتهم مخطابة العقلاء، لأنها أمرتهم بما يؤمر به العقلاء {لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ} يحتمل أن يكون جواباً للأمر، أو نهياً بدلاً من الأمر لتقارب المعنى {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} الضمير لسليمان وجنوده، والمعنى اعتذار عنهم لو حطموا النمل أي لو شعروا بهم لم يحطموهم {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً} تبسم لأحد أمرين: أحدهما سروره بما أعطاه الله؛ والآخر ثناء النملة عليه وعلى جنوده، فإن قولها هم لا يشعرون: وصف لهم بالتقوى والتحفظ من مضرة الحيوان.


{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20)}
{وَتَفَقَّدَ الطير} اختلف الناس في معنى تفقده للطير، فقيل: ذلك لعنايته بأمور ملكه، وقيل: لأن الطير كانت تظله فغاب الهدهد فدخلت الشمس عليه من موضعه {أَمْ كَانَ مِنَ الغآئبين} أم منقطعة، فإنه نظر إلى مكان الهدهد فلم يبصره، {فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى الهدهد} أي لا أراه ولعله حاضر وستره ساتر، ثم علم بأنه غائب فأخبر بذلك.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8